2011-06-26

دعوة للتأمل ..~

:
:




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتجول عبر قراءة سطور كتاب فن التأمل متأملين بحكم الله بما خلق ..
• هل تفكرت يوماً في حقيقة وجودك، كيف حملتك أمك ثم ولدتك، فجئت إلى هذا العالم ولم تكن من قبل شيئاً..؟• هل تأملت يوماً كيف تنبت تلك الأزهار المزروعة في أحواض غرفة الجلوس من قلب تراب أسود فاحم موحل بألوان زاهية وشذىً عطر..؟• هل شغلك انزعاجك من طيران البعوض حولك عن التفكر كيف انها تحرك أجنحتها بسرعة فائقة تجعلك غير قادر على رؤيتها..؟• هل تفكّرت يوماً بأن قشور الفاكهة المهملة هي في حقيقتها أغلفة حافظة عالية الجودة، وبأن هذه الفاكهة - كالموز والبطيخ والبرتقال مثلاً- موضبة في داخلها بطريقة تحفظ طعمها وشذاها..؟• هل تدبّرت يوماً كيف يمضي العمر حثيثاً، فتذكرت أنك سوف تشيخ وتصبح ضعيفاً وتفقد جمالك وصحتك وقوتك؟• هل فكرت في ذلك اليوم الذي سوف يرسل الله فيه ملائكة الموت لترحل معهم عن هذا العالم؟• هل تساءلت يوماً لماذا يتعلق الناس بدنيا فانية فيما هم بحاجة ماسة إلى المجاهدة من أجل الفوز بالآخرة؟

ان الإنسان هو المخلوق الذي أنعم الله عليه بملكة التفكير، ومع ذلك فإن معظم الناس لا يستخدمون هذه الملكة المهمة كما يجب، حتى أن بعض الناس يكاد لا يتفكر أبداً!..

في الحقيقة كل إنسان يمتلك قدرة على التفكر هو نفسه ليس على دراية بمداها، وما ان يبدأ الإنسان باستكشاف قدرته هذه واستخدامها، حتى يتبدى له الكثير من الحقائق التي لم يستطع أن يسبر أغوارها من قبل. وهذا الأمر في متناول أي شخص، وكلما استغرق الإنسان في تأمل الحقائق، كلما تعززت قدرته على التفكر. ولا يحتاج الإنسان في حياته سوى هذا التفكر الملي والمجاهدة الدؤوبة من بعده..


من الاشياء التي يجب أن نتفكر فيها ..
 في الطريق
مباشرة بعد الاستيقاظ من النوم صباحاً والاستعداد يمضي معظم الناس في شؤونهم فمنهم من يتوجه إلى عمله ومنهم من يذهب إلى المدرسة، ومنهم من يمضي لتسوية بعض الأمور في مكان ما في هذا العالم الرحب. بالنسبة للمؤمن هذه الرحلة القصيرة هي نقطة البداية للقيام بالأعمال الصالحة التي ترضي الله سبحانه وتعالى. فعندما نستيقظ نشكر المولى تعالى الذي وهبنا يوماً آخر نكسب فيه من رزقه، والآن وقد مضينا في أمرنا، فقد بدأت الرحلة التي يمكن أن نكسب من خلالها هذا الرزق وعندما نتفكر في هذا الأمر لا بد أن نذكر قوله تعالى ?وجعلنا النهار معاشا 0النبأ:11) ووفقاً لهذه الآية يجب علينا أن نخطط كيف سنمضي يومنا في أعمال ذات نفع للعباد ترضي الله سبحانه وتعالى.


وعندما نترك المنزل نمر بشكل تلقائي بالكثير من الأمور التي يجب أن نتفكر فيها، فهناك الآلآف من الناس والسيارات والأشجار الكبيرة والصغيرة، والتفاصيل التي لا تعد ولا تحصى من حولنا، وبالطبع فإن توجهات المؤمن محددة، فسوف نحاول الاستفادة لأقصى الحدود مما نراه حولنا ونتفكر في الأحداث والأسباب. فما يمر بنا من مشاهد إنما يمر بعلم الله وإرادته، ولا بد أن يكون هناك سبب من وراء ذلك فبما أن الله جعلنا نخرج، ووضع هذه المشاهد أمامنا، فلا بد أن فيها ما يجب أن نراه ونتدبره.


وحين نصل إلى سيارتنا أو أي وسيلة نقل أخرى. وفي خلدنا كل هذه الأفكار. نشكر الله مرة أخرى، إذ مهما كانت المسافات طويلة فقد سخر لنا الله وسيلة للوصول، وكما هو معلوم، فقد خلق الله للناس الكثير من الوسائل ليستعينوا بها في السفر. وقدّم التطور التكنلوجي إمكانيات جديدة مثل السيارات والقطارات والطائرات والسفن والمروحيات والحافلات وغيرها. وعند يتدبّر هذا الأمر يتذكر الإنسان أن الله تعالى هو الذي سخّر التكنولوجيا في خدمة البشرية. ففي كل يوم يخرج العلماء باكتشافات واختراعات جديدة تسهل علينا حياتنا، وهميصلون اليها جميعاً بالوسائل التي خلقها الله على الأرض. ومن يتفكر، يتابع رحلته شاكراً المولى تعلى الذي سخر لخدمتنا كل هذه الأمور.


وفيما نمضي في وجهتنا حاملين مثل هذه الأفكار فإن كومة نفايات، أو رائحة كريهة أو أماكن معتمة نمر بها تثير في أذهاننا أفكاراً متعددة.


فقد خلق الله في هذا العالم أماكن ومشاهد تجعلنا قادرين على تصور الجنة والنار، أو التخمين من خلال المقارنة كيف ستكونان. فأكوام النفايات والروائح الكريهة والأماكن الضيقة المعتمة القذرة تسبب كرباً كبيراً لأرواحنا ! ولا أحد يود أن يكون في مثل هذه الأماكن، وكل هذه الخصائص تذكر الإنسان بجهنم، وكل من يلتقي بهذه المشاهد يتذكر الآيات التي تتحدث عن النار: فالله سبحانه وتعالى يصف لنا ظلمة وقذارة وكراهة المشاهد في جهنم.
{ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال. في سموم وحميم. وظل من يحموم. لا بارد ولا كريم } (الواقعة:41-44)
{ وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبورا. لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيرا }(الفرقان:13-14)


وعند تذكر هذه الآيات القرآنية ندعو الله أن يجيرنا من نار جهنم ونسأله أن يغفر لنا ذنوبنا.


ومن زاوية أخرى فإن الإنسان الذي لا يوظف أفكاره بهذه الطريقة سوف يمضي نهاره متذمراً قلقاً، باحثاً عمّا يغضب في كل حدث، فيستشيط غاضباً من الناس الذين يلقون نفاياتهم ومن البلدية التي تتاخر في جمعها، ويشغل ذهنه طوال النهار بأفكار غير مجدية لا تنفعه في آخرته، مثل زحمة السير الناجمة عن الحفر في الطرقات، وكيف أصابه البلل نتيجة توقعات خاطئة لخبراء الأرصاد الجوية، وكيف حصل علاوة على ذلك على توبيخ غير منصف من رب العمل. وهذه الأفكار التافهة لا تنفع في الآخرة، وقد يتوقف الإنسان عن التفكير فيما إذا كان عليه ان يتخلى عن مثل هذه الأفكار المتعددة، والغريب ان الكثير من الناس يدّعون أن السبب الحقيقي الذي يشغلهم عن التفكر هو الكفاح الذي عليهم أن يخوضوه في هذا العالم، فيتعللون بالمشاكل الصحية وتأمين ضروريات الحياة والطعام وغيرها.. وهذه ليست سوى أعذار، فمسؤوليات المرء وأوضاعه لا علاقة لها بالتفكير فمن يحاول أن يفكر لينال رضى الله سوف يجد أن الله في عونه، وسوف يرى الأمور التي كانت بالنسبة له مشاكل قد حلت واحدة واحدة وفي كل يوم يمر سوف يكون قادر على تخصيص المزيد من الوقت للتفكر وهذا أمر مفهوم ومجرب فقط من قبل المؤمنين.
• بماذا يجعلنا هذا العالم المتعدد الألوان نتفكر..؟خلال متابعة رحلتنا نحاول أن نراقب ما حولنا من آيات الله وإعجازه في خلقه فنقدّره سبحانه وتعالى حق قدره عندما نتفكر فيها.

عندما ننظر من شباك السيارة يطالعنا عالم متعدد الألوان، فنتساءل: لو لم يكن هذا العالم متعدد الألوان كيف كان سيبدو كل شيء فيه..؟

أنظروا في الصورة في أسفل الصفحة وتفكروا : هل ستكون بهجة المناظر الطبيعية من جبال وبحار وحقول وأزهار هي نفسها دون ألوان.؟ وأي متعة سنستقيها من مشاهد السماء والفاكهة والفراشات والثياب ووجوه الناس بغياب الألوان.؟

فضل من ربنا تعالى أننا نعيش في عالم متعدد الألوان نابض بالحياة . فمهرجان الألوان الذي نشاهده في العالم، وهذا التناسق الكامل في ألوان الكائنات الحية آيات شاهدة على إبداع الله الذي لا يضاهى وتفرده في الخلق .

لا شيء من مشاهد الطبيعة يؤذي العينين، فالتفاعل الدقيق بين الألوان، وتناسق الألوان في الكائنات الحية من أزهار وطيور وبحار وسماوات وأشجار وغيرها يورث السكينة في النفس ويعطي الراحة للعينين. وكل هذا يدل على الكمال في خلق الله.

ومن خلال التفكر في هذه الأمور نفهم أن كل ما نراه حولنا هو نتاج علم الله وقدرته اللامحدودين.

وفي مقابل هذه النعم التي منحنا إياها الله علينا أن نخافه سبحانه وتعالى ونسأله أن لا يجعلنا من الكافرين بأنعمه. والله سبحانه وتعالى يذكرنا في القرآن الكريم بوجود الألوان، ويذكر أنه لا يخشاه تعالى من عباده إلا العلماء، كما يبين سبحانه وتعالى أن المؤمنين يتفكرون ويتدبرون دائماً، ويستخدمون ألبابهم في الاكتشاف واستخلاص العبر والنتائج.

ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود. ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء إن الله عزيز غفور [فاطر:27-28]






بعض مما جاء في:
كتاب فن التأمل لـ هارون يحيى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومَا مِنْ [ كَاتِبٍ ] إلا سَيفنى * ويُبقي الدَّهرُ مَاكتبت يَداه
فـلا تَكتب بخطِكَ غَير شَيءٍ * يَسُركَ في القيامةِ أن تَـراه